عدد المساهمات : 83 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 10/05/2010
موضوع: الأم في الإسلام الأحد مايو 16, 2010 1:27 pm
الأم في الإسلام
الأم في الإسلام الشيخ نذير مكتبي
يُتهم الإسلام على لسان الحضارة الغربية بأنه يحطُّ من قيمة المرأة ، ويمتهن كرامتها ، ويهضمها حقوقها ، ويعاملها على أنها مخلوق من الدرجة الثانية ، وهذه التهمة هي واحدة من الشبه الكثيرة التي تُساق في معرض الهجوم على الإسلام ومحاولة تشويه صورته ، وإضعاف مكانته ، وتنفير الناس منه ، فماهي حقيقة مكانة المرأة في الإسلام ؟ وما مدى صحة هذه الشبهات التي يروجها أعداء الإسلام ضده ؟
الإنسان المنصف المتجرد من الهوى ، والمتحرر من قيد الشهوات حينما يستعرض النصوص الشرعية في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة ليعجب كلَّ العجب من أن يُتهم الإسلام بمثل هذه الأكاذيب ، لأنه ما من دين من الأديان السماوية المعروفة اليوم ، ولا من مبدأ من مبادئ الأرض التي ابتدعها البشر لأنفسهم وضع المرأة في المكانة اللائقة بها ، وأحاطها بالرعاية والاهتمام ، وكرَّمها غاية التكريم كما فعل الإسلام سواءً كانت أماً أو زوجة أو بنتاً أو أختاً أو خالة أو عمة ، وهاهو رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم يودع الدنيا وهو يخاطب أصحابه ومن خلفهم المسلمين إلى قيام الساعة فيقول : ( استوصوا بالنساء خيراً ) . هذا في حق المرأة عموما ، أما الأمُّ في الإسلام فقد حظيت من حيث التقدير والرعاية والاهتمام بمنزلة لم تعرفها في ظل أيِّ حضارة من حضارات الأرض ، ففي القرآن الكريم يحضُّ الله تبارك وتعالى المسلم أن يُحسن صلته بوالديه وأن يبرهما أعظم البر ، وخاصة أمَّه ، فقال في سورة لقمان : ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمُّه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير ) . و في السنة النبوية الشريفة من الأحاديث والمواقف ما يرفع درجة الأم ليجعلها مُقدَّمَة على الجهاد في سبيل الله ، فعندما جاء صحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الخروج للجهاد في سبيل الله قال له : أحيَّةٌ أمك ؟ فقال له : نعم ، فقال له : ارجع فبرَّها ، فلم يقنع الرجل بذلك حتى كرر الاستئذان ثلاث مرات ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد المرة الثالثة : ( الزم رجلها فثمَّ الجنة ) ، أي قم بخدمتها وقضاء حوائجها والأدب معها يكون لك في ذلك أجرُ المجاهدين وهو الجنة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتدح البارين بأمهاتهم مدحاً عظيماً ، ويخصهم من بين صحابته بمقام رفيع ، فقد مدح سيِّدَ التابعين أويساً القرني الذي منعه بره بأمه أن يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لينال شرف صحبته ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستطع فعل ذلك ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث لأصحابه عنه ، وبيَّن لهم مقامه عند ربه حين قال : ( له أمٌّ بها بارٌّ ، ولو أقسم هو على الله لأبره ) وأوصى عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه ـ وهو مَن هو في جلالة قدره ـ أن يطلب منه أن يستغفر له وأن يدعو له . هكذا نشأ المسلمون الأوائل على برِّ والديهم وبخاصة أمهاتهم عملاً بتوجيهات دينهم الحنيف ، وطمعاً برضوان الله تبارك وتعالى الذي قرن رضاه برضا الوالدين ، وقد روى لنا التاريخ الصحيح قصصاً رائعة تملأ النفس إعجاباً وإكباراً لأولئك الذين حرصوا على برِّ أمهاتهم من سلف هذه الأمة وحتى عصرنا هذا ، وكثيراً ما وقفت والدة العالم الجليل حيوة بن شريح على حلقة درسه وقد تحلق حوله الطلاب ينهلون من علمه ، تأمره أن يقوم ليضع للدجاج طعامهم من الشعير ، فكان رضي الله عنه لا يأنف أن يستجيب لأمه بِرّاً بها وتعظيماً لشأنها . وإذا كان للأمِّ هذه المكانة الرفيعة السامية في تشريعات الإسلام وآدابه التي طبقها المسلمون وما يزالون ، فكيف هي مكانتها عند أولئك الغربيين الذين يتباكون على كرامة المرأة وحقوقها ؟! إن واقع الأم في بلاد الغرب المادي الجاحد يدمي القلب حزناً وأسى ، فأولادها يتنكرون لعلاقتهم بها ، ويتركونها تعاني من مرارة الوحدة ، وأمراض الشيخوخة ، وأعباء الحياة ، ولا يكاد الواحد منهم يراها في السنة مرة واحدة . فأين الانتصار للمرأة ؟! وأين رعاية حقوقها والاهتمام بقضاياها ؟! والأم هي أول النساء جدارةً بالاهتمام والرعاية . هذه الأفكار و غيرها حول هذا الموضوع تستمعون إليها في خطبة الشيخ نذير مكتبي بعنوان ( الأم في الإسلام )